الوقف

یرمی هذا البحث إلى البرهنة على أن الوقف، باعتباره ظاهرة إیقاعیة (صوتیة)، لیس تابعا للترکیب ولا أثرا من آثاره کما کانت قد ذهبت إلى ذلک الصواتة التولیدیة. وقد اعتمد الباحث، للبرهنة على استنجاد الترکیب بالوقف وإعادة تنظیم القول لیکون تاما ودالا، على نصوص من القرآن الکریم، وعلى تراث لغوی ساهم فیه النحاة والمفسرون والأصولیون، من جهة، وعلى تراث لسانی طمسته النظریات التی هیمنت على الساحة اللسانیة. وقد اکتفینا، هنا، بدراسة ظاهرتین: تتمثل أولاهما فی دور الوقف فی رفع اللبس الترکیبی، بینما تتمثل الثانیة فی تأسیس الوقف للعلاقات الترکیبیة. وقد تبنینا، لبیان ذلک، النظریة الصواتیة الإیقاعیة کما تبلورت داخل الاتجاه التولیدی. وقد خلصنا إلى أن الوقف مبنین للقول، وموجه وبان له. وبذلک لا یکون الوقف ظاهرة سطحیة بل هو ظاهرة مؤسسة للقول مساویة، فی هذا الباب، للترکیب. وهکذا، تبطل فکرة تحکمیة الترکیب، وتبرز فکرة التعاون بین مکونات النحو (الصواتیة والصرفیة والترکیبیة والدلالیة والتداولیة) من أجل إنتاج أقوال تؤَمِّن التواصل اللغوی وتصونه.

الوقف فی الفقه والنظامین القانونیین فی إیران ولبنان لهما أحکام قانونیه مختلفه، وفی هذا البحث تمت مناقشه موضوع دراسه مقارنه للأحکام الشرعیه للوقف فی الفقه والنظامین المذکورین أعلاه. والغرض من هذا البحث هو التعبیر عن الخصائص والقواسم المشترکه والإختلافات الفقهیه والنظام القانونی بین البلدین وتقدیم الحل المناسب للمشرعین، بمعنى أن الوقف فی الفقه والقانون الإیرانی یتم بالعقد وبطریقه شرعیه. صیغه دائمه (المؤبّد)، والعقار المراد وقفه یخرج من ملکیه الواقف (المالک). الوقف مال یجوز الانتفاع به مع بقاء العین، سواء کان منقولاً أو غیر منقول مشاعاً أو معیناً، ویکون وقف الدین والمنفعه باطلاً، وإذا لم یجعل الواقف عین الموقوف تحت التصرف والحیازه لا یتحقق الوقف، لم یتحقق الوقف. وإذا جعله تحت التصرف بالقبض، یتم الوقف بالنسبه. ومع تحقیق الوقف فی القانون الإیرانی، یکون لکل وقف شخصیه اعتباریه مستقله ویکون المتولی هو ممثله دون الحاجه للتسجیل، ولکن فی الفقه والقانون اللبنانی، ینقسم الوقف إلى قسمین: الوقف الخیری (الأوقاف العامه) دائم والوقف العائلی (الأوقاف الخاصه) مؤقت وخلافاً للقانون الإیرانی فی الأوقاف الخاصه، یمکن للواقف أن یقف الموقوف حتى جیلین. وشرط إنشائها أن تکون مسجله وأن یکون 15% منها تحت تصرف الإداره الأوقاف والشؤون المتعلقه بها لتستغله فی الأشغال العامه. وإلا فالوقف باطل، أما فی الأوقاف الخیریه (الأوقاف العامه) فالوقف دائم ولا یحتاج إلى تسجیل. وکذلک لا یجوز وقف المال المشترک من المال غیر القابل للقسمه؛ إلا إذا کان الجزء الآخر منه موقوفا، وأما فی باب الشرط فی الوقف، وفقا لقانون الوقف اللبنانی، فیجوز للواقف أن یحدد الشروط العشره لنفسه أو لغیره فی إطار هذا القانون، وکذلک قد قسم قانون الوقف فی لبنان شروط الواقفین إلى قسمین: صحیح وغیر صحیح، وجعل الشروط غیر الصحیحه باطلاً وقبل مبدأ الوقف. وفی البحث الحالی تمت الإجابه على سؤال ما الفرق بین أحکام حقوق الوقف فی الفقه وبین النظامین القانونیین المذکورین؟ وأخیرا، وباستخدام المنهج الوصفی - التحلیلی، تم التوصل إلى أن أحکام النظم القانونیه المذکوره تشترک وتختلف فی موضوع الوقف، والنظام القانونی اللبنانی أکثر شمولا وقابله للإقتباس والإستفاده.